شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
94089 مشاهدة print word pdf
line-top
جلد القاذف

...............................................................................


ذكر الله تعالى الحد في هذه الآيات؛ بثلاثة أشياء: أولها: الجلد، وثانيها: رد الشهادة، وثالثها: الحكم بالفسوق.
وهذه لا شك أنها عقوبات شديدة.
قد يقال: إن هذه عقوبات شديدة على شيء يسير، والجواب: أن هذا ليس شيئا يسيرا؛ بل هو أمر شديد؛ وذلك لأن الناس يغارون على محارمهم؛ يغارون على أعراضهم؛ والعرض قد يساوي النفس؛ فالذين يتهمونهم في أعراضهم لا شك أنهم يضرونهم ضررا شديدا؛ فلذلك جعل الله هذه العقوبة في هذا الحد لهذا الذنب.
أما الجلد فإنه جلد عادي، وهو أخف من جلد الزاني؛ لأن الله لم يؤكد هذا الجلد؛ لم يقل: وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ قال: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ؛ فيكون الجلد جلدا عاديا؛ ليس خفيفا ولا ثقيلا، ولكنه وسط، ويكون الجلد بعصا متوسطة؛ ليست شديدة ولا خفيفة؛ بل متوسطة. وكان في حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر مرة بجلد شارب أو نحوه؛ فأتي بسوط جديد؛ فقال: دون هذا وأتي بسوط رديء؛ فقال: فوق هذا يعني: أن الجلد العادي يكون بسوط متوسط، وكان أكثر ما يجلدون بجريد النخل؛ إذا كان رطبا؛ وذلك لأنه يعتبر فيه خضرته ليكون لينا بحيث إنه ينبسط على الجلد.
ثم كما ذكرنا أنه يفرق الجلد على الجسد؛ فيجلد على الظهر جانبي الظهر، وعلى الجنبين، وعلى الفخذين والساقين والعضدين والمنكبين؛ يعني: طولا وعرضا، هذا عن الجلد في هذا الحد.

line-bottom